الثلاثاء، 22 مايو 2012

شرطة عمان السلطانية

القصة كما يرويها صاحبها.


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

أسطر لكم هذه السطور وكلي شفقة على أبناء وبنات الشعب العماني العظيم من وضع خطير يتربص بهم الدوائر وينتهك أعراضهم وأموالهم بدون رادع ولئن كان المال قابلا للزيادة والنقصان إلا أن الأرواح إذا أزهقت لن تعود والأعراض إذا انتهكت فلا راد لها كما يقول الشاعر:

أصون عرضي بمالي لا أدنسه .......... لا بارك الله بعد العرض في المال...

ولست أتحدث هنا عن إرهاصات مستقبلية بل عن واقع عشته شخصيا لمدة 30 يوما أدركت فيه مدى خطورة وترهل الوضع الأمني في عمان ومدى جرأة المجرمين على اللعب والاستهزاء بمقدرات هذا الوطن "أبناؤه وثرواته" لعلمهم أن الصرامة مع المجرمين مفقودة في هذا البلد

يخالجني شعور أن هناك ترابطا وثيقا بين قصتي وقصة أهل المفقود الموجود أحمد العامري وتلك الأمريكية التي غرق زوجها في وادي عدي... هناك عامل مشترك بيننا بل ومع آلاف العمانيين ممن لجأ وقت الشدة إلى الجهة التي أوكل إليها إغاثة الملهوف. قد يكون الأمر فوق قدرتهم أو ليس من صلاحياتهم "كما قال لي كثير من الشرطة: "هذا ما شغلنا" ولكن هذا ليس بعذر فإن لم نتصل ب رقم العمليات 9999 فبمن؟ هل نتصل بطوارئ الكهرباء أم أن شركة الصرف الصحي أكثر قدرة وإستعدادا منهم؟؟
سأعرض لكم قصتي في تسعة أجزاء لعلي أغير شيئا من واقع مظلم ظالم

الجزء الأول: بداية الحكاية
بدأت قصتي بتاريخ 14/ 4 السبت عندما توجهت بسيارتي "تويوتا برادو" لمحطة شل وادي عدي وأدخلتها شركة برسشن تيون للصيانة الساعة 9:25 صباحا.... استلم مسؤول الشركة السيارة وسلمني إيصالا اعتياديا موقعا من الطرفين يفيد بتخويلهم تشغيل وتجريب السيارة من أجل الصيانة... بما أن الأمر يستغرق عادة ساعات عدة، كنت قد نويت الذهاب للبيت حتى وقت جهوز السيارة إلا أن الموظف أفادني بعدم وجود زحام وأن الصيانة لن تستغرق أكثر من ساعة ونصف وفورا حرّك السيارة وصفّها في مرآب تبديل الزيوت... غيرت رأيي وقررت البقاء في غرفة الإنتظار حتى استلام السيارة

الساعة: 9:55
كنت أقلب الجرائد لتمضية الوقت واثقا أن السيارة في أيدي "خبراء العناية بالسيارات" كما هو بارز في كل إعلاناتهم و إذا برجل غريب يمتطي السيارة وهو يرمقني بنظرة وبادلتهُ بواحدة غير مكترث بالأمر ظانا أنه أحد الفنيين,,, تحركت السيارة للخلف "على غير العادة" مما أثار ريب مسؤول الشركة فخرج على عجل ليركض خلف السيارة التي اتجهت نحو محطة البترول بسرعة خارقة..... خلال ثوان استوعبت شيئا مما يحدث وخرجت من غرفة الانتظار لأرى العمال يركضون خلف السيارة التي استدارت حول المحطة وعادت مرة أخرى (تتميز محطة وادي عدي بأن مضخات الوقود موجودة في كلا الجانبين) ... ركضت في الإتجاه المعاكس ورأيته قادما نحوي،،، مددت ذراعي واقفا في وسط الشارع لأوقفه إلا أنه قاد السيارة بسرعة خارقة داخل المحطة وكاد أن يدهس كل من كان موجودا بالصدفة وتوجه نحوي بدون أدنى نية لتخفيف السرعة وفي آخر لحظة قفزت جانبا لأنجو انا وكل من تجمهر من الموجودين أسفل مظلة المحطة من موت محقق ويدخل هو دوار وادي عدي بسرعة خيالية متجها نحو حلة السد ....
هكذا كان المشهد العجيب ولكم أن تتخيلوا شعور من وقف راجلا وجها لوجه أمام سيارة ينوي سائقها قتله!!!!

هنا سُرقت السيارة في وضح النهار.......






الجزء الثاني: بداية الصدمة

هنا تبدأ ملحمة أخرى لاتقل فظاعة وبشاعة عن سابقتها وإن إستطعت فهم دوافع المجرم في السرقة " وهذا ابن آدم قتل أخيه لأن قربانه لم يتقبل منه" فإنك عبثا ستستوعب تقاعس الرجال المنوط بهم حماية الشعب وتوفير الأمن له عند خذلانك وإفصاحهم مرارا وتكرارا أن هذا ليس شغلهم!!!

لم تكد السيارة تغادر الدوار حتى ضغطت أصابعي على أزرار رقم 9 أربع مرات لأخبر شرطي العمليات أن السيارة سرقت الآن والحدث طازج فرد علي بكل برود أن البلاغ وصل وأنت ما يهمك!
ركبتٌ سيارة أخرى وبحثت في وادي عدي وحلة السد إلى القرم لمدة نصف ساعة ولم أُشاهد أية سيارة للشرطة!!

الساعة 10.30: إتصلت بهم مرة أخرى وردّوا بأن علي التوجه إلى مركز شرطة روي... ذهبت حالا ولما سألتهم عن الوضع وهل أوقفوا دوريات على الشوارع المحيطة إنصدمت بردهم الصاعق: ما عندنا خبر وماشي تعميم! والآن؟ روح مركز شرطة الوطية لأنه وادي عدي تابعة لنا لكن الدوار تابع للوطية

الساعة 11.00: وصلت مركز الوطية وسألتهم عن تطورات الموقف لأصاب بصدمة أخرى حين قالوا بكل برود: ماعندنا خبر!! بدأوا حينها بكتابة تفاصيل الحدث وأخبروني أن شرطة المرور تختلف عن شرطة المراكز و لايوجد تواصل بينهما يستحق الذكر!
أثناء وجودي في المركز بدأت أتعرف لأول مرة على هذا العالم الغريب العجيب المليئ بالإحباط وضعف الهمة وخلال أقل من ساعة شاهدت وسمعت قصص سرقة عديدة بعضها طازج وكانت ردة الفعل والتعليقات في كل الأحوال تصيبك بالقهر أما بخصوص سيارتي فكنت أسمع من الشرطة الإحتمالات التالية:
السيارة خرجت من الحدود عبر القفار
تم بيع السيارة على هيئة سكراب
السيارة خرجت عبر المنافذ الحدودية ... كيف؟ عن طريق الرشوة وهذا ما سمعته منهم! ,ويقولوا كل شي وارد!!!
السيارة موجودة في مناطق قريبة وهي مسروقة لإستخدامها في عمليات سرقة منازل وإرتكاب جرائم أخرى

ركبت سيارة أجرة ورجعت إلى البيت غضْبان أَسِفا متعلقا بشعرة أمل في قدرة الشرطة على إعادة السيارة التي إرتبطت بها قلبيا قبل النظر في قيمتها وخلال ساعات من الإحباط قمت بالتالي:

<